أبو زكريا
_14 _September _2016هـ الموافق 14-09-2016م, 06:24 AM
معنى اتخاذ الكفار أولياء
· اتخاذ الكفار أولياء يطلق على معنيين:
- أحدهما: أن ينصر المنافقُ الكافر على المؤمنين وعلى محاربة دين الله عز وجل ومحادة الله ورسوله.
- والآخر: أن يستنصر به على ذلك.
· إذا حصل هذا أو هذا فقد اتخذه ولياً، وكلاهما ولي للآخر، بينهما رابط الولاية.
· هذا التعبير من روائع التعبير القرآني لأن فيه اختصاراً بديعاً مع الدلالة على المعنى، والتنبيه على العلة، وإلغاء الفارق في الوصف بين الحالتين، والإبقاء على رونق اللفظ وحسن السبك.
· من صفات المنافقين الملازمة لهم وعلاماتهم الظاهرة وأعمالهم المتواترة أنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
· جعل الله هذا الأمر من أول ما وصف به المنافقين، وأعظم ما مقتهم عليه، وتوعدهم بسببه العذاب الشديد.
· قال الله تعالى: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) ﴾ [النساء: 138، 139]
· إلى أن قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) ﴾ [النساء: 144-147].
· وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) ﴾ [المائدة: 51] إلى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)﴾ [المائدة: 57].
· لما ذكر الله الذين كفروا من بني إسرائيل بين لنا أن من أعظم ما مقتهم عليه أنهم اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين فقال تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) ﴾ [المائدة: 80، 81].
· اتخاذ المنافقين للكفار أولياء قد بين الله تعالى تفاصيله في كتابه الكريم إذ قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)﴾[الحشر: 11-13].
- هذه الآيات تبين لك بياناً جلياً معنى اتخاذ الكفار أولياء.
· إذا تأملت ما ذكره الله من التحذير من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين تبيّن لك أن هذا الأمر حدّ عظيم من حدود الله جل علا، وأنه فارق بين الكفر والإيمان، وأن الله قد توعد من فعله وعيداً شديداً، وعدَّ من فعله عدواً له، ونفى عنه الإيمان، وأوجب له الدرك الأسفل من النار، لما تضمنه هذا العمل من الخيانة العظمى، والخديعة الكبرى، ومحاربة الله ورسوله وأوليائه.
· لذلك لا يفعله من في قلبه إيمان، وإنما هو من خصال المنافقين النفاق الأكبر والعياذ بالله.
· نزّه الله تعالى عباده المؤمنين وبرأهم من هذه الخصلة الذميمة اللئيمة المبنية على الخداع والمكر والكيد للمؤمنين ومؤازرة الكافرين؛ فقال الله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28].
· قال ابن جرير: (ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ [آل عمران: 28] يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر).
· ﴿إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28] هذا استثناء منقطع، وفي معناه قولان للسلف:
· القول الأول: إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم؛ فتظهروا لهم الولاية وتضمروا لهم العداوة ولا تشايعوهم على دينهم ولا تعينوهم على مسلم بشيء.
- هذا القول مروي عن جماعة من المفسرين منهم ابن عباس وأبو العالية الرياحي وجابر بن زيد، وقال به ابن جرير الطبري.
- دلّ هذا القول على أنّ المؤمن إذا خشي من الكفار ضرراً لا يحتمله؛ فلا بأس أن يداريهم مداراة يدفع بها شرهم مع انطواء القلب على بغضهم وبغض ما يفعلون من الكفر والفسوق والعصيان.
- معنى كون الاستثناء منقطعاً يفيد أن هذه المداراة ليست موالاة للكفّار.
· القول الثاني: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28] أي إلا أن يكون بينكم وبين بعض الكفار رحم فتتقون قطيعتها فتصلونها من غير أن تتولوهم في دينهم. وهذا قول قتادة والحسن البصري.
- صحَّحَ ابن جرير هذا القول من جهة المعنى في نفسهن لكنه بين أن لفظ الآية لا يدل عليه.
· المعنى الذي ذكره قتادة والحسن يدل عليه نصّ قول الله تعالى في الأبوين الكافرين: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ [لقمان: 15]. وقوله: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8] وسبب نزولها في قصة أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما.
· اتخاذ الكفار أولياء يطلق على معنيين:
- أحدهما: أن ينصر المنافقُ الكافر على المؤمنين وعلى محاربة دين الله عز وجل ومحادة الله ورسوله.
- والآخر: أن يستنصر به على ذلك.
· إذا حصل هذا أو هذا فقد اتخذه ولياً، وكلاهما ولي للآخر، بينهما رابط الولاية.
· هذا التعبير من روائع التعبير القرآني لأن فيه اختصاراً بديعاً مع الدلالة على المعنى، والتنبيه على العلة، وإلغاء الفارق في الوصف بين الحالتين، والإبقاء على رونق اللفظ وحسن السبك.
· من صفات المنافقين الملازمة لهم وعلاماتهم الظاهرة وأعمالهم المتواترة أنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
· جعل الله هذا الأمر من أول ما وصف به المنافقين، وأعظم ما مقتهم عليه، وتوعدهم بسببه العذاب الشديد.
· قال الله تعالى: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) ﴾ [النساء: 138، 139]
· إلى أن قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) ﴾ [النساء: 144-147].
· وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) ﴾ [المائدة: 51] إلى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)﴾ [المائدة: 57].
· لما ذكر الله الذين كفروا من بني إسرائيل بين لنا أن من أعظم ما مقتهم عليه أنهم اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين فقال تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) ﴾ [المائدة: 80، 81].
· اتخاذ المنافقين للكفار أولياء قد بين الله تعالى تفاصيله في كتابه الكريم إذ قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)﴾[الحشر: 11-13].
- هذه الآيات تبين لك بياناً جلياً معنى اتخاذ الكفار أولياء.
· إذا تأملت ما ذكره الله من التحذير من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين تبيّن لك أن هذا الأمر حدّ عظيم من حدود الله جل علا، وأنه فارق بين الكفر والإيمان، وأن الله قد توعد من فعله وعيداً شديداً، وعدَّ من فعله عدواً له، ونفى عنه الإيمان، وأوجب له الدرك الأسفل من النار، لما تضمنه هذا العمل من الخيانة العظمى، والخديعة الكبرى، ومحاربة الله ورسوله وأوليائه.
· لذلك لا يفعله من في قلبه إيمان، وإنما هو من خصال المنافقين النفاق الأكبر والعياذ بالله.
· نزّه الله تعالى عباده المؤمنين وبرأهم من هذه الخصلة الذميمة اللئيمة المبنية على الخداع والمكر والكيد للمؤمنين ومؤازرة الكافرين؛ فقال الله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28].
· قال ابن جرير: (ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ [آل عمران: 28] يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر).
· ﴿إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28] هذا استثناء منقطع، وفي معناه قولان للسلف:
· القول الأول: إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم؛ فتظهروا لهم الولاية وتضمروا لهم العداوة ولا تشايعوهم على دينهم ولا تعينوهم على مسلم بشيء.
- هذا القول مروي عن جماعة من المفسرين منهم ابن عباس وأبو العالية الرياحي وجابر بن زيد، وقال به ابن جرير الطبري.
- دلّ هذا القول على أنّ المؤمن إذا خشي من الكفار ضرراً لا يحتمله؛ فلا بأس أن يداريهم مداراة يدفع بها شرهم مع انطواء القلب على بغضهم وبغض ما يفعلون من الكفر والفسوق والعصيان.
- معنى كون الاستثناء منقطعاً يفيد أن هذه المداراة ليست موالاة للكفّار.
· القول الثاني: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28] أي إلا أن يكون بينكم وبين بعض الكفار رحم فتتقون قطيعتها فتصلونها من غير أن تتولوهم في دينهم. وهذا قول قتادة والحسن البصري.
- صحَّحَ ابن جرير هذا القول من جهة المعنى في نفسهن لكنه بين أن لفظ الآية لا يدل عليه.
· المعنى الذي ذكره قتادة والحسن يدل عليه نصّ قول الله تعالى في الأبوين الكافرين: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ [لقمان: 15]. وقوله: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8] وسبب نزولها في قصة أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما.