أبو زكريا
_2 _December _2014هـ الموافق 2-12-2014م, 01:21 PM
المنهجية في طلب العلم
· مناهج طلب العلم كثيرة متنوعة؛ لكن لها أصول جامعة ينبغي أن لا يخرج عنها طالب العلم؛ وإلا أضاع وقته وجهده.
· كلّ من أراد أن يتعلّم صنعة من الصنائع فلا بدّ له أن يصحب أستاذاً فيها يتعلّم منه، ويقوّمه إذا أخطأ؛ حتى يشتدّ عوده في تلك الصنعة.
· من تلبّس بلباس أهل العلم وتحدث بلسانهم واستعمل شيئاً من أدواتهم وهو ولم يسلك سبيلهم في تحصيله ورعايته فليس من أهل العلم، وإنما هو جاهل متعالم لا يوثق به ولا يأتمنه من يعرف حاله، بل ما أسهل ما يبيِّن الامتحان كذبَه وادّعاءه.
· المناهج الصحيحة في التعلم تجتمع في أربعة أمور: الإشراف العلمي، والتدرج، والنَّهمة في التعلم، والوقت الكافي.
· يؤخذ العلم شيئاً فشيئاً؛ على مرّ الأيام والليالي؛ بالنهمة والمواصلة والصبر تحت إشراف علمي من عالمٍ بصير بطرق التعلم حتى يجتاز الطالب مرحلة المتوسطين في طلب العلم.
· من أراد أن يكون عالماً وهو لم يسلك طريقة أهل العلم في التعلم فإنه لا يحصل مراده؛ فإن تكلّم في العلم وتصدر مع ذلك فهو جاهل متعالم ضرره أكبر من نفعه.
· سلوك المنهج الصحيح في طلب العلم يفيد طالب العلم في حفظ وقته وجهده ويعرِّفه بمعالم كل علم فيأتيه من بابه ويتعلمه على وجهه الصحيح؛ فإن سار فيه وصل ونجح، وإن تذبذب وانقطع لم يصل فيه إلى ما كان يأمل.
· مسارات طلب العلم لدى العلماء متعددة إلا أن لها ثوابت محددة تجمعها، وهي أن كل علم يؤخذ عن أهله ولكل علم مصادره التي ينهل منها العلماء، وأن طالب العلم يحتاج إلى من يرشده بادئ الأمر حتى يصلب عوده ويشتد، فيعرف ما يأتي وما يذر.
المنهج المقترح لدراسة العقيدة
· تعلم علم العقيدة يسير ولله الحمد، وإذا سار فيه طالب العلم سيراً صحيحاً، اختصر على نفسه كثيراً من الجهد والوقت.
· من المهمّ لطالب علم العقيدة أن يدرس مسائلها بتأنّ وتؤدة، وأن يحرص على حسن فهم المسائل وحفظ أدلتها، ويتعرّف على منهج أهل السنة في تلك المسائل.
· لو مكث الطالب في الباب الواحد أياماً حتى يضبطه جيداً لما كان كثيراً، لأن الرسوخ في فهمه يعينه على حسن فهم ما بعده من الأبواب.
· الأصل في منهج دراسة العقيدة حديث جبريل الطويل، وفي آخره قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هَذَا جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِيْنِكُمْ).
وفيه مراتب الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان، وفيه: أشراط الساعة.
· وأوّل ركن من أركان الإسلام: الشهادتان، وبهما يدخل العبد في دين الإسلام؛ فلذلك كان أوّل ما يجب على العبد أن يتعلمّه: التوحيد.
o في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: (( إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله)). وفي رواية في صحيح البخاري: (( فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله)).
· اخترنا لكم في البداية رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها لأنها تضمنت حديث جبريل، وإلا لو درس الطالب متناً آخر يفي بهذا المقصد التعليمي لكفاه إن شاء الله.
· إذا درس طالب العلم شهادة أن لا إله إلا الله دراسة جيدة عرف معنى التوحيد وأقسامه وواجباته وآدابه وما يقدح فيه، وعرف معنى العبادة التي يجب إفراد الله تعالى بها، وأنواعها، وأحوال دخول الشرك في العبادة وما يعتبر شركاً وما ليس بشرك، إلى غير ذلك من المسائل المهمة التي دلت عليها كلمة التوحيد العظيمة.
· وإذا درس شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم دراسة جيدة عرف معنى المتابعة وشروطها وواجباتها وآدابها وعرف معنى البدعة وحكمها، وعرف ما ينقض الشهادتين، وعرف مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاعة أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره وقبول أحكامه، واعتقاد أن هديه أحسن الهدي في الأمور كلها، وأن محبته مقدمة على محبة النفس والأهل والولد، وعرف أن ما ينافي تحقيق هذه الشهادة فهو مخرج عن دين الإسلام والعياذ بالله.
· الشهادتان أصل الإسلام ومفتاح الدخول فيه، فارتكاب أيِّ أمرٍ ينقضُهما يعدُّ ناقضاً من نواقض الإسلام.
· ثم بعد ذلك ينتقل إلى دراسة مراتب الدين فيدرس أركان الإسلام ومنها الشهادتان، وأركان الإيمان وركن الإحسان.
· غالب مسائل الاعتقاد التي يذكرها الأئمة في كتبهم ترجع إلى أركان الإيمان الستة، حتى إن بعض الأئمة يرتب الكلام في أبواب الاعتقاد على ترتيب أركان الإيمان.
·يوصَى طالب العلم في المرحلة الأولى بدراسة ثلاثة الأصول وأدلتها أو ما يقوم مقامها مما فيه بيان مراتب الدين وشرح التوحيد وكتاب مختصر في شرح أسماء الله الحسنى.
·وفي المرحلة التالية: كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية أو ما يقوم مقامهما.
· وفي المرحلة التي تليها: كشف الشبهات، ونواقض الإسلام، والعقيدة الطحاوية والفتوى الحموية والرسالة التدمرية أو ما يقوم مقام هذه الكتب.
· وفي المرحلة التي تليها يقرأ في كتب الاعتقاد المسندة وما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما ممن كتب في الاعتقاد.
· وفي المرحلة التي تليها يوسّع الطالب قراءاته في العقيدة، وليعتنِ بكتب الأئمة المجدّدين في كلّ قرن وما اعترض دعواتهم من فتن الملل والنحل.
· ينبغي أن يُعلم أن المهم هو تحقيق هذه المقاصد التعليمية؛ وأمّا المفاضلة بين المتون والكتب التي تعتني بهذه الموضوعات فهي مما يدخله الاجتهاد واختلاف المسالك، وإذا عرف الطالب المقصود لم ينشغل بمسألة التفضيل بين الكتب والمتون والتذبذب بينها بل كان همّه مجتمع على فهم هذه الموضوعات المهمة ودراسة مسائلها جيداً.
· لا يحسن بطالب العلم الجاد أن يقف كثيراً عند كل ألفاظ المتون حتى يكاد يعربها لأن الإغراق في جزئيات المسائل الجانبية يشغله عن فهم المقصود الذي لأجله يدرس تلك المتون، ويشتت ذهنه ويضعف تركيزه.
· اعتنِ بهذه المسألة جيداً، ولتكن عنايتك متوجهة لفهم المقاصد أولاً، ثم ما تحصِّله بعد ذلك من العلم فهو خير على خير.
· مَنْ فقِه ذلك سهل عليه أن يدرس في الفنّ الواحد متوناً كثيرة، لأنه إذا درس متناً منها فهم مقاصده ومسائله فإذا قرأ متناً آخر في ذلك العلم كانت عنايته متوجهة إلى معرفة ما فيه من زيادة علم، ولم يكن واقفاً عند رسوم الألفاظ.
· تنوّع الاطلاع يحتاجه طالب العلم لكن بعد أن يضبط أصلاً في كل علم.
· من كان يدرس متناً ولا يتمه ثم ينتقل إلى متن آخر وينقطع فإنه يبقى مغبوناً في وقته وجهده محروماً من بلوغ مأموله إلى أن يعاود العزيمة الصادقة فيجتهد في تحصيل العلم على وجهه الصحيح.
· مراعاة التدرج ومتابعة الطلب مهمة جداً لطالب العلم فهي المنهجية الصحيحة في التعلم.
· هذه المتون التي اخترناها لكم هي على سبيل الاجتهاد في التفضيل، وإلا لو درس الطالب كتباً أخرى تعتني بتلك الموضوعات وفهم مقاصدها فإنه يكون قد أتى على المطلوب.
· من ابتلي بمخالطة أصحاب ملّة من الملل أو نِحْلَة من النحل أو تيّار فكري فليعتن بقراءة ما كتبه أهل العلم عنها قراءة جيّدة؛ لأن تعامله معهم فتنة توجب له التيقظ ومعرفة الهدى فيما يعاملهم به.
أهمية دراسة الدعوات الإصلاحية
· مما يعين على فهم العقيدة فهماً حسناً قراءة تاريخ الدعوات الإصلاحية وسير المجددين من الأئمة.
· القراءة في سير المجددين وكتبهم تعين على فهم دعوة الإسلام كما ينبغي وتُعرِّفُ طالب العلم بما اعترض القائمين عليها من محن وابتلاءات، وما جرت به سنة الله تعالى من نصر من ينصر دينه وجعل العاقبة لأوليائه.
· من أهم فوائد دراسة سير المجدّدين وقراءة كتبهم:
o 1: التعرف على أسباب نجاح دعوة المجددين وانتفاع الناس بها.
o 2: التعرف على أنواع مكائد أعداء الدين في المكر بها لردها وإجهاضها وتنفير الناس منها.
o 3: التعرف على مناهج الأئمة في معالجة هذا الأمر، وما كان هديهم في مواجهة تلك التحديات من أعداء الداخل والخارج، من المنافقين والكافرين.
o تآمر الكفار والمنافقين على محاربة دعوة الإسلام الصحيحة يتجدد ويتنوّع في كل عصر.
o غالب مكائد الأعداء ترجع إلى أنواع إذا ضبطها طالب العلم ودرسها جيدا فهم كثيرا من مسائل الدعوة المعاصرة، وتكشفت له بعض مكائد أعداء الدين اليوم.
o من تأمَّل سِيَر أئمة الدين من المجددين الكبار وغيرهم وجد منهم عناية بارزة بسير الأئمة قبلهم، ومن قرأ كتبهم وجد استشهادهم بحوادث جرت للأئمة قبلهم أمراً ظاهراً.
· هذه المادة لا يحتاج فيها طالب العلم إلى متن يدرسه، لكن ينبغي له أن يقرأ في هذا العلم أو في هذه المادة التاريخية شيئا فشيئا من كتب السير والتراجم وما جمع في سير بعض المجددين من المؤلفات المفردة الخاصة، يقرأ سيرهم قراءة المعتني بفقه أسباب نجاح الدعوة وما كان يعترضهم من عقبات وصعوبات وكيف تصدوا لمكائد الأعداء؟
· المقصد الذي يكون في نفس القارئ عند القراءة مهم جداً في انتفاعه من الكتاب، فالقراءة بغرض الثقافة قد تفيد الطالب في توسيع مداركه وازدياده من المعرفة، لكنها قد لا توصله إلى فقه ما تُنصر به الدعوة وكيف يكون إمدادها وحسن التدبير لها.
· أوَّل ما ينبغي دراسته في ذلك سيرة إمام المجددين صلى الله عليه وسلم، فقد جعل الله سيرته وهديه نبراساً للأئمة ومشكاة يقتبسون منها الهدي القويم في الملمات والشدائد التي تمر بهم، بل قلَّ أن يمر على عالم موقف من مكيدة الأعداء إلا وجد له أصلاً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
· ثم يدرس سير المجددين بعده من علماء الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى عصرنا هذا.
· وقد روى أبو داوود والحاكم في مستدركه وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ))والحديث صححه جماعة من أهل العلم.
· روى الخطيب البغدادي في تاريخه عن الإمام أحمد أنه قال: (إن الله يقيِّضُ للناس في كل رأس مائة سنة مَن يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي).
o لفظ (مَن) في الحديث يحتمل الواحدَ والجماعةَ؛ فقد يقوم بالتجديد واحد، وقد يقوم به جماعة، وقد نص على ذلك جماعة من أهل العلم.
o رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)) وهذا الحديث روي من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم وطرقه فيها ضعف بيـِّن.
o هذا الحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، نُقِل عن الإمام أحمد أنه صححه، وصححه ابن القيم رحمه الله باعتبار تعدد طرقه،ومن أهل العلم من ضعفه ومنهم من حسنه، لكن معناه صحيح.
o يؤيده ما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: سَمعْتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (( إِنَّ اللهَ لا يقبضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتزِعُهُ مِن العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبضُ العِلمَ بقبضِ العُلَمَاءِ حَتى إِذا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ الناسُ رءوسًا جُهالاً فَسُئِلُوا فأَفتوا بغيرِ علمٍ فضَلُّوا وَأَضَلُّوا )).
o هذا الحديث يدلك على أن حاجة الناس إلى العلم ماسة وضرورية، لأنهم بحاجة إلى السؤال، فإن وجدوا عالماً سألوه وإن لم يجدوا اتخذوا رءوساً جهالاً فسئلوهم، فالحاجة إلى السؤال باقية.
o ينبغي لطلاب العلم أن يفقهوا هذه المسألة جيدا؛ وهو أنهم اليوم طلاب، وغداً تحتاجهم الأمة؛ فينبغي لهم أن يتأصلوا بالعلم المفيد حتى إذا كانوا في السن والقدر الذي يؤهلهم للإفتاء والتعليم والدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة كانوا من خير من يقوم بهذا الأمر.
o قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه في أواخر حياته: ( لو كنت أعلم أنكم تحتاجون إليَّ لتفقَّهتُ لكم) وهو من فقهاء الصحابة رضي الله عنه لكنه أراد أن يزداد من التفقه لأجل أن ينفعهم ويزداد من الخير بنشر العلم النافع.
كلام العلماء في تعيين المجددين كثير وفيه اختلاف كبير، لكن من المجددين من عرف لهم كبير أثرهم في الأمة ولهم دعواتهم الإصلاحية الظاهرة ومن أشهر هذه الدعوات دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ودعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
· مناهج طلب العلم كثيرة متنوعة؛ لكن لها أصول جامعة ينبغي أن لا يخرج عنها طالب العلم؛ وإلا أضاع وقته وجهده.
· كلّ من أراد أن يتعلّم صنعة من الصنائع فلا بدّ له أن يصحب أستاذاً فيها يتعلّم منه، ويقوّمه إذا أخطأ؛ حتى يشتدّ عوده في تلك الصنعة.
· من تلبّس بلباس أهل العلم وتحدث بلسانهم واستعمل شيئاً من أدواتهم وهو ولم يسلك سبيلهم في تحصيله ورعايته فليس من أهل العلم، وإنما هو جاهل متعالم لا يوثق به ولا يأتمنه من يعرف حاله، بل ما أسهل ما يبيِّن الامتحان كذبَه وادّعاءه.
· المناهج الصحيحة في التعلم تجتمع في أربعة أمور: الإشراف العلمي، والتدرج، والنَّهمة في التعلم، والوقت الكافي.
· يؤخذ العلم شيئاً فشيئاً؛ على مرّ الأيام والليالي؛ بالنهمة والمواصلة والصبر تحت إشراف علمي من عالمٍ بصير بطرق التعلم حتى يجتاز الطالب مرحلة المتوسطين في طلب العلم.
· من أراد أن يكون عالماً وهو لم يسلك طريقة أهل العلم في التعلم فإنه لا يحصل مراده؛ فإن تكلّم في العلم وتصدر مع ذلك فهو جاهل متعالم ضرره أكبر من نفعه.
· سلوك المنهج الصحيح في طلب العلم يفيد طالب العلم في حفظ وقته وجهده ويعرِّفه بمعالم كل علم فيأتيه من بابه ويتعلمه على وجهه الصحيح؛ فإن سار فيه وصل ونجح، وإن تذبذب وانقطع لم يصل فيه إلى ما كان يأمل.
· مسارات طلب العلم لدى العلماء متعددة إلا أن لها ثوابت محددة تجمعها، وهي أن كل علم يؤخذ عن أهله ولكل علم مصادره التي ينهل منها العلماء، وأن طالب العلم يحتاج إلى من يرشده بادئ الأمر حتى يصلب عوده ويشتد، فيعرف ما يأتي وما يذر.
المنهج المقترح لدراسة العقيدة
· تعلم علم العقيدة يسير ولله الحمد، وإذا سار فيه طالب العلم سيراً صحيحاً، اختصر على نفسه كثيراً من الجهد والوقت.
· من المهمّ لطالب علم العقيدة أن يدرس مسائلها بتأنّ وتؤدة، وأن يحرص على حسن فهم المسائل وحفظ أدلتها، ويتعرّف على منهج أهل السنة في تلك المسائل.
· لو مكث الطالب في الباب الواحد أياماً حتى يضبطه جيداً لما كان كثيراً، لأن الرسوخ في فهمه يعينه على حسن فهم ما بعده من الأبواب.
· الأصل في منهج دراسة العقيدة حديث جبريل الطويل، وفي آخره قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هَذَا جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِيْنِكُمْ).
وفيه مراتب الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان، وفيه: أشراط الساعة.
· وأوّل ركن من أركان الإسلام: الشهادتان، وبهما يدخل العبد في دين الإسلام؛ فلذلك كان أوّل ما يجب على العبد أن يتعلمّه: التوحيد.
o في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: (( إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله)). وفي رواية في صحيح البخاري: (( فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله)).
· اخترنا لكم في البداية رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها لأنها تضمنت حديث جبريل، وإلا لو درس الطالب متناً آخر يفي بهذا المقصد التعليمي لكفاه إن شاء الله.
· إذا درس طالب العلم شهادة أن لا إله إلا الله دراسة جيدة عرف معنى التوحيد وأقسامه وواجباته وآدابه وما يقدح فيه، وعرف معنى العبادة التي يجب إفراد الله تعالى بها، وأنواعها، وأحوال دخول الشرك في العبادة وما يعتبر شركاً وما ليس بشرك، إلى غير ذلك من المسائل المهمة التي دلت عليها كلمة التوحيد العظيمة.
· وإذا درس شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم دراسة جيدة عرف معنى المتابعة وشروطها وواجباتها وآدابها وعرف معنى البدعة وحكمها، وعرف ما ينقض الشهادتين، وعرف مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاعة أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره وقبول أحكامه، واعتقاد أن هديه أحسن الهدي في الأمور كلها، وأن محبته مقدمة على محبة النفس والأهل والولد، وعرف أن ما ينافي تحقيق هذه الشهادة فهو مخرج عن دين الإسلام والعياذ بالله.
· الشهادتان أصل الإسلام ومفتاح الدخول فيه، فارتكاب أيِّ أمرٍ ينقضُهما يعدُّ ناقضاً من نواقض الإسلام.
· ثم بعد ذلك ينتقل إلى دراسة مراتب الدين فيدرس أركان الإسلام ومنها الشهادتان، وأركان الإيمان وركن الإحسان.
· غالب مسائل الاعتقاد التي يذكرها الأئمة في كتبهم ترجع إلى أركان الإيمان الستة، حتى إن بعض الأئمة يرتب الكلام في أبواب الاعتقاد على ترتيب أركان الإيمان.
·يوصَى طالب العلم في المرحلة الأولى بدراسة ثلاثة الأصول وأدلتها أو ما يقوم مقامها مما فيه بيان مراتب الدين وشرح التوحيد وكتاب مختصر في شرح أسماء الله الحسنى.
·وفي المرحلة التالية: كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية أو ما يقوم مقامهما.
· وفي المرحلة التي تليها: كشف الشبهات، ونواقض الإسلام، والعقيدة الطحاوية والفتوى الحموية والرسالة التدمرية أو ما يقوم مقام هذه الكتب.
· وفي المرحلة التي تليها يقرأ في كتب الاعتقاد المسندة وما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما ممن كتب في الاعتقاد.
· وفي المرحلة التي تليها يوسّع الطالب قراءاته في العقيدة، وليعتنِ بكتب الأئمة المجدّدين في كلّ قرن وما اعترض دعواتهم من فتن الملل والنحل.
· ينبغي أن يُعلم أن المهم هو تحقيق هذه المقاصد التعليمية؛ وأمّا المفاضلة بين المتون والكتب التي تعتني بهذه الموضوعات فهي مما يدخله الاجتهاد واختلاف المسالك، وإذا عرف الطالب المقصود لم ينشغل بمسألة التفضيل بين الكتب والمتون والتذبذب بينها بل كان همّه مجتمع على فهم هذه الموضوعات المهمة ودراسة مسائلها جيداً.
· لا يحسن بطالب العلم الجاد أن يقف كثيراً عند كل ألفاظ المتون حتى يكاد يعربها لأن الإغراق في جزئيات المسائل الجانبية يشغله عن فهم المقصود الذي لأجله يدرس تلك المتون، ويشتت ذهنه ويضعف تركيزه.
· اعتنِ بهذه المسألة جيداً، ولتكن عنايتك متوجهة لفهم المقاصد أولاً، ثم ما تحصِّله بعد ذلك من العلم فهو خير على خير.
· مَنْ فقِه ذلك سهل عليه أن يدرس في الفنّ الواحد متوناً كثيرة، لأنه إذا درس متناً منها فهم مقاصده ومسائله فإذا قرأ متناً آخر في ذلك العلم كانت عنايته متوجهة إلى معرفة ما فيه من زيادة علم، ولم يكن واقفاً عند رسوم الألفاظ.
· تنوّع الاطلاع يحتاجه طالب العلم لكن بعد أن يضبط أصلاً في كل علم.
· من كان يدرس متناً ولا يتمه ثم ينتقل إلى متن آخر وينقطع فإنه يبقى مغبوناً في وقته وجهده محروماً من بلوغ مأموله إلى أن يعاود العزيمة الصادقة فيجتهد في تحصيل العلم على وجهه الصحيح.
· مراعاة التدرج ومتابعة الطلب مهمة جداً لطالب العلم فهي المنهجية الصحيحة في التعلم.
· هذه المتون التي اخترناها لكم هي على سبيل الاجتهاد في التفضيل، وإلا لو درس الطالب كتباً أخرى تعتني بتلك الموضوعات وفهم مقاصدها فإنه يكون قد أتى على المطلوب.
· من ابتلي بمخالطة أصحاب ملّة من الملل أو نِحْلَة من النحل أو تيّار فكري فليعتن بقراءة ما كتبه أهل العلم عنها قراءة جيّدة؛ لأن تعامله معهم فتنة توجب له التيقظ ومعرفة الهدى فيما يعاملهم به.
أهمية دراسة الدعوات الإصلاحية
· مما يعين على فهم العقيدة فهماً حسناً قراءة تاريخ الدعوات الإصلاحية وسير المجددين من الأئمة.
· القراءة في سير المجددين وكتبهم تعين على فهم دعوة الإسلام كما ينبغي وتُعرِّفُ طالب العلم بما اعترض القائمين عليها من محن وابتلاءات، وما جرت به سنة الله تعالى من نصر من ينصر دينه وجعل العاقبة لأوليائه.
· من أهم فوائد دراسة سير المجدّدين وقراءة كتبهم:
o 1: التعرف على أسباب نجاح دعوة المجددين وانتفاع الناس بها.
o 2: التعرف على أنواع مكائد أعداء الدين في المكر بها لردها وإجهاضها وتنفير الناس منها.
o 3: التعرف على مناهج الأئمة في معالجة هذا الأمر، وما كان هديهم في مواجهة تلك التحديات من أعداء الداخل والخارج، من المنافقين والكافرين.
o تآمر الكفار والمنافقين على محاربة دعوة الإسلام الصحيحة يتجدد ويتنوّع في كل عصر.
o غالب مكائد الأعداء ترجع إلى أنواع إذا ضبطها طالب العلم ودرسها جيدا فهم كثيرا من مسائل الدعوة المعاصرة، وتكشفت له بعض مكائد أعداء الدين اليوم.
o من تأمَّل سِيَر أئمة الدين من المجددين الكبار وغيرهم وجد منهم عناية بارزة بسير الأئمة قبلهم، ومن قرأ كتبهم وجد استشهادهم بحوادث جرت للأئمة قبلهم أمراً ظاهراً.
· هذه المادة لا يحتاج فيها طالب العلم إلى متن يدرسه، لكن ينبغي له أن يقرأ في هذا العلم أو في هذه المادة التاريخية شيئا فشيئا من كتب السير والتراجم وما جمع في سير بعض المجددين من المؤلفات المفردة الخاصة، يقرأ سيرهم قراءة المعتني بفقه أسباب نجاح الدعوة وما كان يعترضهم من عقبات وصعوبات وكيف تصدوا لمكائد الأعداء؟
· المقصد الذي يكون في نفس القارئ عند القراءة مهم جداً في انتفاعه من الكتاب، فالقراءة بغرض الثقافة قد تفيد الطالب في توسيع مداركه وازدياده من المعرفة، لكنها قد لا توصله إلى فقه ما تُنصر به الدعوة وكيف يكون إمدادها وحسن التدبير لها.
· أوَّل ما ينبغي دراسته في ذلك سيرة إمام المجددين صلى الله عليه وسلم، فقد جعل الله سيرته وهديه نبراساً للأئمة ومشكاة يقتبسون منها الهدي القويم في الملمات والشدائد التي تمر بهم، بل قلَّ أن يمر على عالم موقف من مكيدة الأعداء إلا وجد له أصلاً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
· ثم يدرس سير المجددين بعده من علماء الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى عصرنا هذا.
· وقد روى أبو داوود والحاكم في مستدركه وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ))والحديث صححه جماعة من أهل العلم.
· روى الخطيب البغدادي في تاريخه عن الإمام أحمد أنه قال: (إن الله يقيِّضُ للناس في كل رأس مائة سنة مَن يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي).
o لفظ (مَن) في الحديث يحتمل الواحدَ والجماعةَ؛ فقد يقوم بالتجديد واحد، وقد يقوم به جماعة، وقد نص على ذلك جماعة من أهل العلم.
o رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)) وهذا الحديث روي من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم وطرقه فيها ضعف بيـِّن.
o هذا الحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، نُقِل عن الإمام أحمد أنه صححه، وصححه ابن القيم رحمه الله باعتبار تعدد طرقه،ومن أهل العلم من ضعفه ومنهم من حسنه، لكن معناه صحيح.
o يؤيده ما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: سَمعْتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (( إِنَّ اللهَ لا يقبضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتزِعُهُ مِن العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبضُ العِلمَ بقبضِ العُلَمَاءِ حَتى إِذا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ الناسُ رءوسًا جُهالاً فَسُئِلُوا فأَفتوا بغيرِ علمٍ فضَلُّوا وَأَضَلُّوا )).
o هذا الحديث يدلك على أن حاجة الناس إلى العلم ماسة وضرورية، لأنهم بحاجة إلى السؤال، فإن وجدوا عالماً سألوه وإن لم يجدوا اتخذوا رءوساً جهالاً فسئلوهم، فالحاجة إلى السؤال باقية.
o ينبغي لطلاب العلم أن يفقهوا هذه المسألة جيدا؛ وهو أنهم اليوم طلاب، وغداً تحتاجهم الأمة؛ فينبغي لهم أن يتأصلوا بالعلم المفيد حتى إذا كانوا في السن والقدر الذي يؤهلهم للإفتاء والتعليم والدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة كانوا من خير من يقوم بهذا الأمر.
o قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه في أواخر حياته: ( لو كنت أعلم أنكم تحتاجون إليَّ لتفقَّهتُ لكم) وهو من فقهاء الصحابة رضي الله عنه لكنه أراد أن يزداد من التفقه لأجل أن ينفعهم ويزداد من الخير بنشر العلم النافع.
كلام العلماء في تعيين المجددين كثير وفيه اختلاف كبير، لكن من المجددين من عرف لهم كبير أثرهم في الأمة ولهم دعواتهم الإصلاحية الظاهرة ومن أشهر هذه الدعوات دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ودعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.