المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس السادس عشر: بيان الأصل الثالث من أصول الدين وهو معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم (1/2)


هيئة الإشراف
_10 _January _2014هـ الموافق 10-01-2014م, 06:58 PM
الدرس السادس عشر: بيان الأصل الثالث من أصول الدين
وهو معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم (1/2)




قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:


(الأَصْلُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ، وَهَاشمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ العَرَبِ، وَالعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلِ،عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ.
وَلَهُ مِنَ العُمْرِ ثَلاَثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاَثٌ وَعِشْرُونَ نَبِياًّ رَسُولاً.


عناصر الدرس:
· بيان معنى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· ما تستلزمه شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
... - معنى التصديق، وبيان ما ينقضه وينقصه.
... - معنى الطاعة، وبيان ما ينقضها وينقصها.
... - معنى المحبة، وبيان ما ينقضها وينقصها.
... - أقسام البدع
· شرح قوله: ( الأَصْلُ الثَّالِثُ : مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ)
· نسب النبي صلى الله عليه وسلم.
· عُمْر النبي صلى الله عليه وسلم

بيان معنى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم
· هذا الدرس في بيان الأصل الثالث من أصول الدين، وهو معرفة النبي صلى الله عليه وسلم.
· وهذا الأصل العظيم تنبني عليه مسائل كثيرة من مسائل الاعتقاد, فلذلك ينبغي أن يعتنى بدراسته جيداً.
· شهادة أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم, أصل من أصول الدين, لا يدخل عبدٌ في الإسلام حتى يشهد هذه الشهادة.
· وهذه الشهادة العظيمة ينبني عليها منهج الإنسان وعمله، وبها تتعلق نجاته وسعادته.
· لا تصحّ المتابعة إلا بهذه الشهادة العظيمة، والله تعالى لا يقبل من عبد عملاً ما لم يكن خالصاً له جل وعلا، وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
· فالإخلاص هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، والمتابعة هي مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· ولما كانت الأعمال لا بد فيها من قصد وطريقة تؤدى عليها عُدَّت الشهادتان ركناً واحداً.
· وشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم تستلزم أموراً عظيمة يمكن إجمالها في ثلاثة أمور كبار من لم يقم بها لم يكن مؤمناً بالرسول صلى الله عليه وسلم:
- الأمر الأول: تصديق خبره.
- الأمر الثاني: امتثال أمره.
- الأمر الثالث: محبته صلى الله عليه وسلم.
· وما يعود على أحد هذه الأمور الثلاثة بالبطلان فهو ناقض لشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا انتقضت هذه الشهادة انتقض إسلام العبد.
· الإسلام لا بد فيه من خضوعٍ لله وإخلاص وانقياد، ومن لم يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة صحيحة فليس بمنقادٍ ولا خاضعٍ لأحكام الإسلام فلا يكون مسلماً، وإن ادعى الإسلام.

الأمر الأول: تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم
· فأما الأمر الأول: وهو تصديق خبره صلى الله عليه وسلم، فهو أصل عظيم من أصول الدين، وهذا التصديق ينقضه أمران:
- الأمر الأول: التكذيب.
- والأمر الثاني: الشك.
· فكلٌّ من المكذب والشاك غير مصدق ولا مؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم.
· والتكذيب على درجتين:
- الدرجة الأولى: التكذيب المطلق؛ فيدَّعي أنه كذاب في أصل رسالته أي أن الله لم يرسله، أو يكذّبه فيما يخبر به عن الله جل وعلا وعن أمور الغيب.
وهذا هو تكذيب المشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وتكذيب بعض أصحاب الملل الأخرى كاليهود والنصارى والمجوس وغيرهم.
وكذلك المنافقون النفاق الأكبر الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر ويضمرون العداوة لله ولرسوله وللمؤمنين فهؤلاء وإن شهدوا بألسنتهم أن محمداً رسول الله إلا أنهم كفار كاذبون كما قال الله تعالى فيهم: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1]؛ فهم كاذبون في دعواهم أنهم يشهدون أن محمداً رسول الله، وإنما نطقوا بهذه الشهادة نفاقاً، ولو كانوا صادقين في شهادتهم له بالرسالة لقاموا بما يلزم من تصديق خبره وطاعة أمره ومحبته.
والمنافقون مخالفون لهذه الأمور ناقضون لها؛ فهم مبغضون للرسول صلى الله عليه وسلم ولما جاء به، وعاصون له، ومكذبون ومشكّكون في أخباره.
فهذه هي الدرجة الأولى من درجات التكذيب وهو التكذيب المطلق.
- الدرجة الثانية: تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا قد يقع من بعض من يقرّ برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكذبه في بعض أخباره، كإقرار بعض اليهود والنصارى بأنه رسول، لكن رسالته للعرب وليست لجميع الناس؛ وكتكذيب بعض من ينتسب للإسلام لبعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم مع إقراره بصحتها عنه.
· فمن كذَّب النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من أخباره فهو كافر بإجماع أهل العلم، ولا ينفعه إقراره بأنه رسول الله ولا تصديقه له في بعض أخباره.
· وكذلك المشكك في بعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر غير مصدق.
· ولا يستقيم إسلام العبد حتى يصدّق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يخبر به.
· ويجب التفريق بين تكذيب خبر الرسول بعد الإقرار بصحته إليه، وبين تكذيب الخبر المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- فتكذيب الخبر المنسوب الذي لم تتحقق صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو تأوَّله المتأوّل على غير معناه الصحيح ليس له حكم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم.
- وذلك لأن الأخبار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم قد تصحّ نسبتها وقد لا تصح، وإذا صحت النسبة فقد يصح تفسير المعنى على ما فهمه المتلقي وقد يفهم منه فهماً خاطئاً مخالفاً لنص صحيح صريح فيكذب الخبر بناء على ما صح عنده من مخالفته للنص المحكم الصحيح؛ فهذا ليس بتكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم في حقيقة الأمر.
- ولذلك قد يكون لبعض الناس عذر في تكذيب بعض ما يبلغهم من الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم يمنع من تكفيرهم؛ إما بسبب جهلهم بصحة نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وإما بسبب عدم فهمهم لمعناه على الوجه الصحيح وإما لشبهة أخرى عرضت لهم، وغالب ما يمنع تكفير أصحاب البدع هو هذه الشُّبَه المانعة من التكفير.
- أما من أقرَّ بصحة نسبة الخبر الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم، وأقر بمعرفته لمعناه الصحيح ثم كذَّبه بعد ذلك فلا شك في كفره.
· كثير من المسائل التي يذكرها العلماء في نواقض الإسلام راجعة إلى هذا الأصل، وهو أنها تقتضي تكذيب خبر النبي صلى الله عليه وسلم.

الأمر الثاني: طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
· طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تتحقق بامتثال ما أمر به حسب الاستطاعة، واجتناب ما نهى عنه.
· والطاعة من لوازم التصديق؛ فمن كان تصديقه صحيحاً أذعن بالطاعة، ومن كان في قلبه مرض الشك والتكذيب ظهر أثر مرضه على عمله.
· طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فرض واجب، وهي طاعة لله جل وعلا كما قال الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾[النساء: 80]،وقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [التغابن: 12]،وقال: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7].
· وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم علامة على صدق محبّته ومن ثوابها محبّة الله تعالى للعبد المطيع كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 31، 32]، ولذلك تسمّى هذه الآية آية الامتحان.
· وطاعة الرسول من أسباب الرحمة؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: 132]، وقال:﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ [الأنبياء: 17].
· وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، ما نهيتكم عنه فانتهوا، وما أمرتكم فأتوا منه ما استطعتم)).
· إذا أطلق لفظ الطاعة والاتباع في النصوص شمل امتثال أمره واجتناب نهيه وتصديقه ومحبته لأن الاتباع الصحيح لا يتحقق إلا بهذه الأمور.
· والمخالفون في الطاعة على درجتين:
- الدرجة الأولى: الذين لا يرون أنه يلزمهم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهؤلاء كفار غير مسلمين، وإن أقرّوا بصحة رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكل من لم ير طاعة الرسول واجبة عليه لازمة له فهو كافر غير مسلم؛ لأنه ممتنع عن الطاعة متولٍّ غير منقاد لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].
ومن هؤلاء من يظهر الطاعة ويبيّن الامتحان حقيقته ولا يأتي من أمر الرسول إلا بما يوافق هواه ورغبته وهذا من شأن المنافقين الذين قال الله فيهم: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) ﴾ [النور: 47-52].
فلا يستقيم إيمان عبد حتى يسمع ويطيع.
- الدرجة الثانية: الذين يؤمنون بأنه يلزمهم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كبير الأمور وصغيرها وأن ما أوجبه عليهم فهو واجب، وما حرَّمه عليهم فهو حرام، ويلتزمون ذلك، لكنهم يخالفون في بعض الأمر فيرتكبون بعض المحرمات ويتركون بعض الواجبات مع إقرارهم بعصيانهم فهؤلاء من عصاة المسلمين، وهم آثمون مستحقون للعذاب بقدر ما عصوا الرسول فيه، ولا يكفرون إلا إذا أفضت معصيتهم إلى ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام، والعياذ بالله.
· وقد ضلت طوائف من أهل البدع في هذا الباب فكفَّروا مرتكب الكبيرة كما فعلت الخوارج وقالوا بأن أهل الكبائر خالدون مخلدون في نار جهنم.
· ومن أهل البدع من قال: هم في منزلة بين المنزلتين فليسوا بمسلمين ولا كفار وهم يوم القيامة خالدون في نار جهنم، وهذا قول المعتزلة.
- وكلا الطائفتين يسميهم أهل السنة الوعيدية.
- وهؤلاء ينكرون شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر وشفاعة الشافعين الذين يأذن الله بشفاعتهم يوم القيامة كشفاعة الشهداء والصالحين وشفاعة الأطفال لأهليهم وغيرهم ممن صح الخبر عن النبي صلى الله عليهم وسلم بأنهم يشفعون لبعض من استحق النار من المسلمين بسبب عصيانه ومنهم من يدخلها ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين.
- وأهل السنة والجماعة لا يكفرون أصحاب الكبائر من المسلمين، بل يقولون: هم من عصاة المسلمين، وهم على خطر من عصيانهم، وترجى لهم الرحمة والمغفرة وتنفعهم دعوات المسلمين وصدقاتهم وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين فمنهم من تدركه الشفاعة قبل العذاب فينجو ويسلم، ومنهم من يعذب ما شاء الله أن يعذب ثم ينجو بعد ذلك، ولا يخلد في النار إلا كافر.
· خير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم، فاتّباع هديه يفضي بصاحبه إلى أحسن العواقب في الدنيا والآخرة، وأما مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم فإنها تعرض صاحبها للفتنة والعذاب الأليم كما قال الله تعالى؛ ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ [النور: 63].
· هذا تلخيص لأهم المسائل المتعلقة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكام العصاة.

الأمر الثالث: محبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
· محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فرض واجب، لا يصح الإيمان إلا به، بل يجب تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على محبة النفس والأهل والولد والمال، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24].
· وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)).
وفي رواية لمسلم: (( لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين )).
· وفي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب؛ فقال له عمر: (يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي)؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك))؛ فقال له عمر: (فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( الآن يا عمر )).
· وهذا المعنى يشهد له قوله تعالى: ﴿النَّبيُّ أوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: 6]، قال ابن جرير: (﴿النَّبيُّ﴾ محمد ﴿أوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ﴾ يقول: أحق بالمؤمنين به ﴿مِنْ أنْفُسِهِمْ﴾ أن يحكم فيهم بما يشاء من حكم، فيجوز ذلك عليهم).
· وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾[الأحزاب: 36].

·وتقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة النفس والأهل والولد والناس أجمعين على ثلاثة درجات، وهي درجات الاتباع:
- الدرجة الأولى: وهي التي لا يصح الإسلام إلا بها وهي تقديم محبته فيما يلزم منه البقاء على دين الإسلام، والمخالف في هذه الدرجة هم الكفار الأصليون والمرتدّون الذين ارتكبوا ناقضاً من نواقض الإسلام فقدَّموا ما يحبونه من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة الرسول؛ فخرجوا من دين الإسلام بهذه المخالفة.
- الدرجة الثانية: درجة الوجوب، فيطيع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر به أمر وجوب، ويجتنب ما نهى عنه نهي تحريم، والذين يؤدي هذه الدرجة هو مؤمن متقٍّ مؤدٍّ للطاعة الواجبة، والمخالف فيها هو الذي يقدّم ما تحبه نفسه وتهواه على طاعة الرسول وهو عاص مخالف للأمر مستحق للعقاب بقدر مخالفته.
- الدرجة الثالثة: درجة الاستحباب والكمال، وهو طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يأمر به أمر استحباب على ما يستطيع العبد، واجتناب ما ينهى عنه نهي كراهة، وهذه الدرجة من حقَّقها فهو من أهل الإحسان، ومن خالف فيها بما لا يلحقه بالمخالفين في الدرجة الثانية فهو غير آثم، لكن يفوته من الخير والفضل بقدر ما فرَّط فيه.
· فتبيَّن أن تقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة النفس والأهل والولد والناس أجمعين على هذه الدرجات الثلاث منها ما لا يصح الإسلام إلا به، ومنها ما هو واجب، ومنها ما هو كمال مستحب.
· ويكون معنى نفي الإيمان في قوله صلى الله عليه وسلم: (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه...)) على ثلاث درجات:
- نفي أصل الإيمان، وهذا للمخالفين في الدرجة الأولى.
- نفي الإيمان الواجب، وهذا للمخالفين في الدرجة الثانية.
- نفي كمال الإيمان، وهذا للمخالفين في الدرجة الثالثة.
· ومما يتصل بهذه المسألة وهي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن لها لوازم من لم يأت بها لم تكن محبته صادقة:
· وهذه اللوازم هي: طاعة الرسول ونصرته ومحبة أصحابه وموالاتهم ومحبة دعوة الرسول ونصرتها ويجمع ذلك كله النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ كما في الصحيحين من حديث تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الدين النصيحة))قلنا: لمن؟ قال: (( لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
· والنصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم واجبة وهي تستلزم الصدق والإخلاص في المحبة والطاعة والنصرة والتصديق.
· ومن قصر في واجب من هذه الواجبات فهو مقصّر في النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم، وإثمه على حسب تقصيره، كما تقدم شرحه في درجات مخالفة الاتباع.
· فنصيحة المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم تكون بحسب اتباعه له؛ فكلما كان أكثر اتباعاً كان أكثر نصحاً.
· ومما ينقض هذه المحبة: البغض والإيذاء والسب والاستهزاء.
- ومن وقع في هذه الأمور التي تستلزم عدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر بإجماع العلماء.
· والناس في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: الجفاة المقصِّرون في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء على درجتين: كفار، وعصاة.
فأما الكفار فهم الذين يبغضون الرسول صلى الله عليه وسلم أو يبغضون شيئاً مما جاء به من شريعة الإسلام.
وأما العصاة فهم الذين يخالفون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيرتكبون بعض المحرمات ويتركون بعض الواجبات مع طاعتهم له فيما يلزم منه بقاؤهم على دين الإسلام.
- القسم الثاني: الغلاة الذين غلوا في دعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء على درجتين: مشركون ومبتدعة:
فأما المشركون فهم الذين غلوا في النبي صلى الله عليه وسلم حتى صرفوا له بعض أنواع العبادة من الدعاء والنذر وطلب المدد وقضاء الحوائج وغير ذلك.
وأما المبتدعة فهم الذين غلوا في مدحه فأطروه وجاوزوا الحدَّ المأذون فيه من المدح والثناء ولم يصرفوا له شيئاً من أنواع العبادة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري من حديث عمر بن الخطاب، ومن الغلو ما يفعله بعض الصوفية من بدعة الموالد النبوية وغيرها من مظاهر الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.
- القسم الثالث: المهتدون المتبعون لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه الكرام والتابعين لهم بإحسان بلا غلو ولا تفريط، وهؤلاء هم الناجون السعداء.
· بعض العلماء يضيف في مقتضيات شهادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأن لا يعبد الله إلا بما شرع)، وهذا يندرج تحت طاعته صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)). متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها؛ فابتداع شيء من العبادات محرم لا يجوز، والمبتدع عاص ببدعته.

أقسام البدع
· والبدع لها تقسيمات مهمة ينبغي لطالب العلم أن يضبطها، منها أنها تنقسم بحسب حكمها إلى قسمين: بدع مكفرة، وبدع مفسقة.
- فأما البدع المكفرة فهي التي يكون فيها ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام كأن تتضمن تلك البدعة شركاً أكبر بصرف العبادة لغير الله عز وجل كما يفعله بعض غلاة الشيعة والباطنية والصوفية، أو يكون فيها تكذيب لخبر الله عز وجل وخبر رسوله وادعاء ما يخالف دين الإسلام بالضرورة كدعوى بعض فرق الشيعة أن القرآن ناقص محرَّف، ودعوى بعض غلاة الصوفية أن أقطابهم يعلمون الغيب ويطلعون على اللوح المحفوظ، ودعوى الجهمية نفي أسماء الله عز وجل وصفاته.
وضابط البدع المكفّرة أنها هي التي تتضمن ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام.
- القسم الثاني: البدع المفسّقة، وهي التي لا يكون فيها ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام من الشرك الأكبر أو التكذيب أو غيرها من النواقض، وهذه غالب البدع العملية من مثل ما يحدثه بعض المبتدعة من الموالد والأذكار المبتدعة والزيادة على القدر المشروع في بعض العبادات، وتخصيص بعض الأزمنة والأمكنة بعبادات لم يرد تخصيصها بها.
· هذا تلخيص موجز لما تقتضيه شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مسائل كبار من مسائل أصول الدين ينبغي لطالب العلم أن يفقهها جيداً.

قوله: (الأَصْلُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ).
· أي الأصل الثالث من أصول الدين وهو معرفة النبي صلى الله عليه وسلم.
· وأتى به مضافاً إلى المخاطبين (نبيكم) لإشعارهم بأن هذا الأمر يخصهم ويتصل بهم فهو نبيهم ورسولهم الذي أرسل إليهم، فيجب عليهم أن يعتنوا بمعرفته وأداء حقه.
· وباب الإضافة عند العرب واسع فهي تضيف لأدنى ملابسة، ولا عتبارات متعددة.
· فالرسول صلى الله عليه وسلم، هو رسول الله، باعتبار المرسِل وهو الله تعالى كما قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [الفتح: 29]، وقال: ﴿ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحجرات: 15] وقال: ﴿فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [التغابن: 12]، وهو رسولنا لأنه أرسل إلينا كما قال تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: 18]، وهو نبي الله باعتبار المنبّئ الذي نبَّأَه وهو الله تعالى، وهو نبينا باعتبار أنه منبَّأٌ إلينا.
· ويضاف أيضاً إلى بعض أوصافه وما أتى به فيقال: نبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة.
· والمعرفة المرادة هنا هي المعرفة المحمودة كما سبق بيانه.

نسب النبي صلى الله عليه وسلم
قوله: (وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ، وَهَاشمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ العَرَبِ، وَالعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلِ، عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ).
· عبد المطلب اسمه شيبة، وعبد المطلب لَقَبٌ لُقِّبَ به، لأنَّ عمَّه المطَّلب أردفه خلفه لما جاء به من يثرب، وقد تغيَّر لونه من السفر فظنوه عبداً له فقيل عبد المطلب.
· وهاشم لقب أيضاً، واسمه عمرو، ويقال له: عمرو العُلا، ولُقِّبَ بهاشم لِهَشْمِه الثريد لقومه من كَرَمه، وقيل فيه:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... قومٍ بمكة مسنتين عجاف
- وهذا البيت نسب لعبد الله بن الزِّبَعْرَى من قصيدة له قال فيها:
كانت قريشٌ بيضةً فتفقأت ... فالمُحّ خالصُه لعبد مناف
الخالطين فقيرَهم بغنـيّهم ... والظاعنين لرحلة الأصياف
والرائشين وليس يوجد رائش ... والقائلين هَلُمَّ للأضياف
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... قوم بمكة مسنتين عجاف
- ونسب البيت السابق لغيره.
- والمُسْنِتون الذين أصابتهم سَنَةٌ أي مجاعة.
· وقريش لقب للنضر بن كنانة، وقيل لقب لفهر بن مالك، والأول أصح لما رواه الإمام أحمد وأبو داوود الطيالسي وابن أبي شيبة وغيرهم من حديث مسلم بن هيضم عن الأشعث بن قيس الكندي رضي الله عنه قال:أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وَفْدٍ لا يرون إلا أني أفضلهم؛ فقلت: (يا رسول الله إنا نزعم أنكم منا)؛ قال: (( نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمَّنا ولا ننتفي من أبينا))؛قال: فكان الأشعث يقول: (لا أوتى برجل نفى قريشاً من النضر بن كنانة إلا جلدته الحدَّ). والحديث صححه الألباني.
· وقد ذكر الزهري فيما رواه عبد الرزاق وغيره أنه كان بين بني عبد مناف وبني آكل المرار من كندة خلطة في الجاهلية أي: تناسب.
· واختلف في سبب تلقيب النضر بقريش على أقوال كثيرة، لم أقف منها على قول تطمئن النفس لصحته.
· ونسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدنان متفق عليه عند أهل العلم بالحديث والأنساب.
· قال البخاري في صحيحه في كتاب المناقب: (باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان).
· قال ابن القيم: (إلى هاهنا معلوم الصحة، متفق عليه بين النسابين، ولا خِلاف فيه البتة، وما فوق "عدنان" مختلف فيه. ولا خلاف بينهم أن "عدنان" من ولد إسماعيل عليه السلام)ا.هـ.
· وما بعد عدنان للنسابين فيه أقوال مختلفة لم أقف على حجة صحيحة لقول منها.
· قال عروة بن الزبير: (ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء معدّ بن عدنان). رواه ابن وهب وابن سعد وابن أبي حاتم وغيرهم.
· وقال أبو بكر بن سليمان بن أبي حَثْمَة وهو من علماء التابعين ومن أهل العلم بالأنساب والأشعار: (ما وجدنا في علم عالم ولا في شعر شاعر أحداً يعرف ما وراء معدّ بن عدنان بثبت). رواه ابن سعد وابن وهب وغيرهما.
· وأما ما أخرجه ابن سعد في الطبقات من حديث هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أدد ثم يمسك ويقول: (كذب النسابون قال الله عز وجل ﴿وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: 38])؛ فهذا خبر موضوع، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
· لكن صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ: (وعاداً وثمود وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ) [إبراهيم: 9] ثم يقول: (كذب النسابون). رواه ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم.
- هكذا في قراءة ابن مسعود.
· وقال السيوطي في الدر المنثور: (وأخرج ابن الضريس عن أبي مجلز قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أنسب الناس؛ قال: إنك لا تنسب الناس؛ قال: بلى؛ فقال له علي رضي الله عنه: أرأيت قوله تعالى: ﴿وعاداً وثموداً وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾[الفرقان: 38]؟قال: أنا أنسب ذلك الكثير.
قال: أرأيت قوله:﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قوم نوح وعاد وثمود وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾ [إبراهيم: 9]؟فسكت).
· لم أقف على إسناده عند ابن الضُّرَيس، وأبو مجلز هو لاحق بن حميد السدوسي، من قراء التابعين وفضلائهم.
عمر النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: (وَلَهُ مِنَ العُمْرِ ثَلاَثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاَثٌ وَعِشْرُونَ نَبِياًّ رَسُولاً).
· هذا دليله ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين؛ فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة؛ فمكث بها عشر سنين، ثم توفي صلى الله عليه وسلم).
· فيكون مدة نبوته ثلاث وعشرون سنة، وعمره ثلاث وستون.